هل يتفوّق التركيز على "التطبيقات" على سباق الذكاء الاصطناعي العام؟

هل يتفوّق التركيز على "التطبيقات" على سباق الذكاء الاصطناعي العام؟

الصين تتبنى ذكاءً اصطناعيًا عمليًا
لدى الصين رؤية مختلفة تمامًا تجاه الذكاء الاصطناعي مقارنة بالولايات المتحدة، وهي رؤية تركز على الجانب العملي والتطبيقي أكثر من السعي وراء الذكاء الاصطناعي العام أو الفائق. بينما تنفق الولايات المتحدة مليارات الدولارات وتستخدم كميات هائلة من الطاقة لمحاولة التفوق على الصين في الوصول إلى الذكاء الاصطناعي الذي يُضاهي أو يتفوق على التفكير البشري، تبني بكين استراتيجيتها على تطوير أدوات عملية ومنخفضة التكلفة تعزز كفاءة البلاد وتسهل تسويقها داخليًا وخارجيًا. هذا النهج يعكس اختلافًا في الرهان؛ فبينما يطمح وادي السيليكون إلى قفزة كبيرة من شأنها أن تمنح الولايات المتحدة مزايا عسكرية وعلمية ضخمة، يرى الزعيم الصيني شي جين بينغ أن التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي هي المفتاح لتحقيق منافع ملموسة اليوم وليس مجرد أحلام مستقبلية.

التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي في الصين
تركز الصين جهودها على استخدام الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية والاقتصاد. تُستخدم النماذج المحلية المشابهة لـ ChatGPT، بإشراف الدولة، في تقييم امتحانات القبول في المدارس الثانوية، وتحسين توقعات الطقس، وتوجيه الشرطة، وتقديم استشارات للمزارعين حول تناوب المحاصيل. كما أطلقت جامعة تسينغهوا مستشفىً مدعّمًا بالذكاء الاصطناعي لمساعدة الأطباء على اتخاذ قرارات قائمة على أحدث البيانات الطبية، بينما تُوظّف روبوتات ذكية لإدارة مصانع السيارات المظلمة وفحص المنسوجات بحثًا عن أي عيوب. يرى جوليان جيويرتز، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي، أن بكين تعتبر التطبيقات العملية ذات التأثير الكبير أولوية قصوى لأنها يمكن أن تُستغل هنا والآن، وليس مجرد أحلام بعيدة.

الدعم الحكومي المتكامل
على عكس الولايات المتحدة، التي يتركز فيها دعم الذكاء الاصطناعي في القطاع الخاص، تستثمر الحكومة الصينية كامل قوتها لدعم رؤيتها. ففي يناير أعلنت الحكومة عن صندوق استثمار في الذكاء الاصطناعي بقيمة 8.4 مليار دولار يركز على الشركات الناشئة، تلاه إطلاق برامج تمويل محلية من الحكومات والبنوك الحكومية، مع خطط تطويرية تحت حملة "AI+" التي تهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي في مجالات العلوم والتكنولوجيا والصناعة والاقتصاد بحلول عام 2030. كما تتجه الصين نحو تبني نماذج مفتوحة المصدر لتسهيل وصول الشركات والمستخدمين للتقنيات وخفض تكاليف بناء الأعمال التجارية القائمة على الذكاء الاصطناعي، ما يسهم في انتشار تقنيتها عالميًا ويجعل وادي السيليكون يتبنى بعض هذا النهج لاحقًا.

التباين مع الولايات المتحدة
يختلف هذا النهج الصيني بشكل واضح عن طموحات شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة التي تسعى إلى الذكاء الاصطناعي الفائق، الذي يمكنه التفوق على البشر في التفكير ويحدث ثورة في العلوم والبحث العسكري. تتوقع بعض الشركات وصول الذكاء الاصطناعي الفائق بحلول عام 2027، وتستثمر بلا حدود في المواهب ومراكز البيانات والطاقة اللازمة لتحقيق هذا الهدف. كما طرحت لجنة في الكونجرس الأمريكي مشروعًا يُعرف بـ "مشروع مانهاتن" للذكاء الاصطناعي العام لضمان تفوق الولايات المتحدة في هذا السباق. في المقابل، تركز الصين على ما يمكن استغلاله الآن من الذكاء الاصطناعي لتعزيز الاقتصاد والمجتمع، مع تقليل المخاطر العالية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي الفائق، ما قد يمنحها ميزة تنافسية إذا ظل الذكاء الاصطناعي العام مجرد حلم بعيد.

شارك هذا المقال